تعد كل من الصداقة والعلاقة العاطفية مع الشريك العاطفي من مصادر المساندة الرئيسية بالنسبة للراشدين. ويعتبر الإعتماد المتبادل أحد أهم ما يميز العلاقات الإنسانية بشكل عام، حيث إن درجة الثقة في إتاحة ومساندة الطرف للآخر، والقدرة على اللجوء إليه وقت الحاجة، والرغبة في تقديم الدعم والمساندة له متى إحتاج إليها، هي من العناصر التي يتم من خلالها قياس مدى جودة العلاقات في كثير من الأحيان.
وبالرجوع إلى التراث النظري الذي حاول المقارنة بين خصائص الصداقة الحميمة والعلاقة العاطفية وجد أن كليهما يشترك في عدد كبير من السمات مثل الثقة، والإهتمام، والفهم، والتقبل، والإعتماد المتبادل، والإلتزام تجاه الطرف الآخر. فتتميز الصداقة بعدد من المميزات الرئيسية والتي تدور حول ثلاثة أبعاد:
-
بُعد وجداني.
-
بُعد عملي.
-
بُعد اجتماعي
حيث يعني الأول المشاركة الوجدانية للشخص، وإشعاره بالحب والتقبل والتقدير، والثاني يعني تقديم أشكال المساعدة العملية والمادية، والثالث يعني قضاء الوقت الممتع، والمشاركة في الأنشطة السارة.
أما عن الفرق بين الصداقة والعلاقة العاطفية كنوعين من أنواع العلاقات الحميمة، فالعلاقات العاطفية تتميز عن الصداقة بالشعور بالإفتتان بالشريك، والشعور بالإنجذاب الجنسي تجاهه، بالإضافة إلى أنها تحتوي على درجات أعلى من الرغبة بالتفرد بالعلاقة كما أن علاقات الحب تتضمن توقعات أعلى من الشريك تتعلق بمدى الوفاء، والرغبة في إستمرارية العلاقة، والتخطيط المشترك للمستقبل، والرغبة في تقديم الدعم والمساندة. والقواعد التي يضعها الشخص في علاقته بالصديق عادة ما تكون أقل صرامة من تلك التي يضعها لشريكه، كما أن التعبير اللفظي عن المشاعر يكون أكثر في علاقات الحب.
وتظل العناصر المشتركة بين الصداقة والحب هي: الإحترام المتبادل، والثقة، وتوقع الإستجابة لحاجات الشخص والرغبة في المشاركة الوجدانية، والمساندة بأشكالها المختلفة.
ويشير عدد من الدراسات إلى وجود فروق جندرية (Gender) واضحة في شكل الصداقة ووظائفها (مع صديق من نفس الجنس)، فبالرغم من أن المساندة هي سمة أساسية مميزة للصداقة إلا أن النساء عادة ما يحتجن إلى المساندة النفسية أو المعنوية، في حين أن الذكور يحتاجون أكثر إلى المساندة العملية أو المادية. وفيما يخص المشاركة مع الصديق فعادة ما تكون النساء أكثر رغبة في مشاركة الأمور الشخصية، والحديث عن التجارب الخاصة، والتعبير الإنفعالي الصريح، في حين أن الذكور في صداقاتهم يميلون أكثر إلى الحديث عن الشأن العام، أو قضاء الوقت في القيام بالأنشطة السارة ذات الإهتمام المشترك.
ويُعتقد أن كل من الرجال والنساء غالباً ما يقدمون على تكوين العلاقات الحميمة بشكل مختلف، حيث تميل العلاقات الحميمة لدى النساء خاصا بصديقاتهن (من نفس الجنس) أن تكون أثر ألفة وحميمية مقارنة بعلاقات الذكور ببعضهم البعض. وهو ما يرتبط بالمبدأ الذي يقول بأن كل من الرجال والنساء يضعون ضوابط مختلفة للتعزيزات التي يمكن أن تقدمها العلاقة لكل منهما، إذ يفضل الرجال المشاركة في الأنشطة الممتعة مع أصدقائهم الرجال (تمحور الصداقة حول نشاط مشترك)، في حين تفضل النساء بصفة عامة الألفة والتعبير الانفعالي.
أما عن العلاقات العاطفية بين الجنسين فتختلف فى نوعية المساندة المرغوبة بالنسبة لكل من الرجال والنساء، حيث إعتمد رضا الرجال على الطريقة التي يقضي بها كل من الزوجين وقتهما معاً، فكلما زاد الوقت الذي يقضيه الأزواج مع زوجاتهم في الأنشطة التي يستمتعون بها، كلما زادت معدلات السعادة لديهم، في المقابل كان محدد السعادة الرئيسي لدى النساء يرتبط بتجنب أزواجهم الصراع والجدل، وإتاحة مساحة للتعبير الإنفعالي والمساندة.
وفى النهاية فإن وجود الآخر فى حياتنا سواء كان صديق أو حبيب فهو سند وأمان وطمأنينة تساعدنا على الإستمرار فى مشوار الحياة….
حافظوا على أصدقائكم وأحبتكم …..
بقلم
د/ رشا محروس
أخصائية علم النفس الاكلنيكى